حول سورة الشمس
الثلاثاء يونيو 06, 2017 11:33 pm
سورة الشمس
*هدف السورة*
سورة مكية ابتدأت بالقسم بسبعة أشياء من مخلوقات الله تعالى في كونه وهذا القسم العظيم كله على فلاح الإنسان إذا اتقى ربه وهلاكه إذا عصاه. وقد تناولت آياتها موضوع النفس البشرية وما جبلت عليه من الخير والشر وأهمية تزكية هذه النفس لترقى بصاحبها إلى جنات النعيم وبيان عقوبة من لم يزكي نفسه (ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها* قد أفلح من زكاها* وقد خاب من دساها). ثم تنتقل الآيات لعرض قصة ثمود الذين طغوا وعقروا الناقة فاستحقوا الهلاك والعذاب من الله تعالى (كذبت ثمود بطغواها..). وختمت السورة بتأكيد على ما هو واضح في سياق كل سور هذا الجزء الثلاثين من أن الآخرة لله تعالى وأنه لا يُسأل عما يفعل من عقاب الكافرين وثواب المؤمنين. فله الأمر وله الحكم سبحانه. وهذه السورة تتحدث عن ربط ظواهر كونية ببعضها من الشمس والقمر إلى الليل والنهار والسماء والأرض وتمر الآيات سريعة في وصف هذه الظواهر الكونية ثم تأتي الآيات تتحدث عن الإنسان (ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها) وكأنها تريد أن تعلمنا أن الإنسان هو أهم شيء في الكون كله وأن كل المخلوقات في الكون الفسيح إنما سخّرت لأجل الإنسان فكأنما الإنسان هو المميز بين مخلوقات الله تعالى كلها.
**من اللمسات البيانية فى السورة**
*أين جواب القسم في سورة الشمس (والشمس وضحاها)؟ (د.فاضل السامرائى)
جواب القسم ليس بالضرورة أن يُذكر بحسب الغرض منه فإذا اقتضى أن يُجاب القسم يُجاب (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً {68} مريم) (وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ {38} النحل) وقد يُحذف إما للدلالة عليه أو للتوسع في المعنى فيحتمل المعنى كل ما يرد على الذهن وهذا في القرآن كثير (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ {1}) لا يوجد جواب للقسم في سورة ق وكذلك في سورة ص (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ {1}) لا نجد جواباً للقسم حُذف لاحتمال كل ما يرد في سياق الآيات فلا يريد تعالى جواباً بعينه لكنه يريد أن وسع المعنى. وقسم من المفسرين قال في سورة الشمس أن جواب القسم هو (قد أفلح من زكّاها).
* ما دلالة استخدام (ما) و (من) ؟(د.فاضل السامرائى)
(من) لذات من يعقل، للذات، من هذا؟ هذا فلان، من أبوك؟ أبي فلان، من أنت؟ أنا فلان. إذن (من) لذات العاقل سواء كانت إسم استفهام أم شرط أم نكرة موصوفة أم إسم موصول. (ما) تستعمل للسؤال عن ذات غير العاقل مثل ما هذا؟ هذا حصان، ما تأكل؟ آكل كذا. وتستعمل لصفات العقلاء، الذات أي الشخص الكيان. (ما) تستخدم لذات غير العاقل ولصفات العقلاء. لذات غير العاقل مثل الطعام (أشرب ما تشرب) هذه ذات وصفات العقلاء مثل تقول من هذا؟ تقول خالد، ما هو؟ تقول تاجر، شاعر. (ما) تستخدم لذات غير العاقل وصفاتهم (ما لونه؟ أسود) ولصفات العقلاء (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) الشمس) الذي سواها هو الله. مهما كان معنى (ما) سواء كانت الذي أو غيره هذه دلالتها (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (3) الليل) من الخالِق؟ الله هو الخالق. إذن (ما) قد تكون لصفات العقلاء ثم قد تكون للسؤال عن حقيقة الشيء (قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ (60) الفرقان) يسألون عن حقيقته. وقد يؤتى بها للتفخيم والتعظيم (الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2)) تفخيم وتعظيم سواء كان فيما هو مخوف أو فيما هو خير، عائشة قالت أبي وما أبي؟ ذلك والله فرع مديد وطود منيب.النُحاة ذكروا هذه المعاني لـ (ما) في كتب النحو والبلاغة.
*ما الفرق بين التزكيتين (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) الشمس) (فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) النجم) وما معنى التزكية في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)
كثير من الكلمات يسمونه من المشترك اللفظي بحيث له أكثر من معنى يصح في حال وآخر قديكون منهياً عنه. زكّى نفسه بها معنيين: طهّرها ومنه الزكاة (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا (103) التوبة) والزكاة هي النماء في الحقيقة والتطهير شيء آخر. قد أفلح من زكاها أي طهّر نفسه. (فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ) زكّى نفسه أي نسبها إلى التزكية قال أنا جيّد أنا خير من كذا ففي هذه الحالة لا يجوز فقال تعالى لا تزكوا أنفسهم لا تقولوا أنا أحسن من هذا أنا أفضل لأنه تعالى أعلم بمن اتقى. مثل فعل قوّم بمعنى عدّل وقوّم بمعنى أعطى للشيء قيمة كم تقوّم هذه الساعة مثلاً؟ أو هذه السلعة؟ ثوّم السلعة أي بيّن مقدار قيمتها. قوّم ولا تقوّم يعني عدّلها لكن لا تقوم قيمتها فإذن هذه من المشترك وكل واحدة لها معنى. قد أفلح من زكاها أي طهّرها، لا تزكوا أنفسكم أي لا تفتخر بنفسك وكل واحدة لها معنى.
استطراد من المقدم: لاحظت أنك تقول مشترِك لفظي لا مشترَك فلماذا؟ يقال مشترِك، اشترك فعل لازم ليس متعدياً فاللازم إما أن يُبنى على حاله إذا جعلنا إسم المفعول يجب أن نقدر هنالك شيء إما جار ومجرور مشترك في التعبير كما نقول اشترك في كذا فيصير مشتَرك فيه يعني مشترَك في شيء أي المشترَك في أمر من الأمور أما إذا اشترك في المعنى يصير مشترِك لو قدّرنا الفعل لازماً بدون تقدير نقول مشترِك كما في قوله (فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33) الصافات).
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى