نصرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم
الثلاثاء يونيو 06, 2017 11:01 pm
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهديه الله فﻼ مضل له ، ومن يضلل فﻼ هادي له ، وأشهد أن ﻻ إله إﻻ الله وحده ﻻ شريك له ، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَﻻ تَمُوتُنَّ إِﻻ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } ،{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَاﻻً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَاﻷَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْﻻً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } . . . أما بعد : فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله تبارك وتعالى ، تحلّوا بها أقواﻻً وأفعاﻻً ، فكم أورثت ماﻻً ، وتوّجت جماﻻً ، وشرّفت خصاﻻً ، وجنبت زيغاً وضﻼﻻً ، وأصلحت حاﻻً ومآﻻً .
أمة اﻹسﻼم : ما فتئ أعداء الله تعالى ، وأعداء دينه العظيم ، يمارسون صنوف اﻻستهزاء ، وألوان اﻻزدراء ، تارة بكتاب الله تعالى ، بتدنيسه وتلويثه ، ورميه في اﻷماكن الغير ﻻئقة ، بل وصل بهم اﻷمر إلى أشد من ذلك ، رموه في أماكن قضاء الحاجة ، وأهانوه إهانة ، ﻻ يتوقع معها إﻻ القتال المستميت ، والدفاع عن الكتاب المبين ، قال تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ، الله جل وعﻼ حفظ كتابه من التبديل والتحريف ، والتغيير والحذف ، ونحن بدورنا نحفظ كتاب ربنا من التشويه والتدنيس والتلويث ، فإما شهادة ، وإما نصر ، قال تعالى : { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِﻻَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ } ، لقد حصلت إهانة القرآن العظيم ، في سجون جوانتناموا ، وسجون أبو غريب ، وغيرها من السجون اﻷمريكية والبريطانية ، كل ذلك من أجل إثارة حفيظة المسلمين ، لعلمهم أنهم لن يتحركوا لمواجهة عدوهم ، وأيم الله لقد تحقق ذلك ، إﻻ من رحم الله وعصم ، وهم أهل الغيرة على دين الله تعالى ، وإﻻ فاﻹثم حاق باﻷمة ، قال تعالى : { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } ، لقد ذهبت الدنيا بلب القلوب ، فبنينا اﻷحﻼم ، وتبنينا اﻷوهام ، من أجل زخرف الدنيا وبهرجتها ، وما عرفنا أن الموت له هالة ، وهو قادم ﻻ محالة ، فطوبى لمن مات وهو يكن لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم كل حب وتفاني ، وغيرة وفداء ، وويل لمن تخاذل ، ودس رأسه في التراب ، وسمع فنسي ، ورأى فعمي ، قال تعالى : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } .
أيها المسلمون : اليوم وإثر البعد الديني الواضح للمسلمين ، وبرودة طقسهم حول دينهم ، تجرأت الصحف اﻷوروبية من كل حدب وصوب ، استهانة وإهانة لكل مسلم ، على رسم رسول اﻹسﻼم ، وسيد اﻷنام ، عليه الصﻼة والسﻼم ، برسوم مشينة مهينة ﻻ يرضاها مسلم أبي شامخ ، يتطلع للجنة العلياء ، ولقاء خاتم اﻷنبياء ، حول الجنة الخضراء ، قال تعالى : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيﻼً } ، فما عسى كل مسلم ومسلمة أن يفعل إزاء هذا الحدث الرهيب ، واﻷمر العصيب ، إن من أوجب الواجبات أن يجدد الجميع الوﻻء لنبيهم صلى الله عليه وسلم ، كما حصل للمسلمين اﻷوائل في بيعة السقيفة ، والعقبة ، بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره ، بايعوه على نصرته بالنفس والمال والوالد والولد ، فكانوا صُدقاً عند اللقاء ، أعزة على اﻷعداء ، ونحن اليوم بحاجة ماسة لمثل أولئك الرجال الشجعان ، اﻷبطال الفرسان ، حماة العقيدة والدين ، أنصار محمد النبي اﻷمين ، قال تعالى : { وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } .*
أمة اﻹسﻼم : نحن اليوم نمر باختبار حقيقي ، وامتحان رباني ، ليميز الله الخبيث من الطيب ، قال تعالى : { ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ } ، اﻷمة اليوم تمر بمنحنيات خطيرة ، وتجارب مريرة ، ليبين المنافق من المسلم ، والكاذب من الصادق ، فبعد الرسوم الكاريكاتورية ، والصور الكرتونية ، لنبي اﻹنسانية ، وهادي البشرية ، تهجَّم مذيع أمريكي باﻻستهزاء والعنجهية ، بصورة استفزازية ، لمنظر حادث الحجيج ، حول الجمرات ، واصفاً المسلمين بالبهائم ، كبرت كلمة خرجت من فيه ، وقاتله الله من سفيه ، هكذا هي أمم الكفر تصمد ، وعلى اﻹسﻼم تتحد ، تنفق اﻷموال ، لتنال من اﻹسﻼم ، قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } ، وهكذا هي أمة اﻹسﻼم تتعرض للنكبات ، وتُجر إلى ويﻼت ، حتى تُمحص وتُفحص ، فاللهم رحماك رحماك ، فاستعدوا عباد الله لمﻼقاة أعداء الله ، وخوض الغمار ، جهاداً بكل صوره وأشكاله ، وأنواعه وأنماطه ، قال تعالى : { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ اﻷَوَّلِينِ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى ﻻَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْﻻَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ } .*
أمة اﻹسﻼم : لقد تنوعت أساليب إهانة الكفار لﻺسﻼم وأهله ، بصورة تجعل الحياة تعيسة ، والموت راحة ، وأيم الله لبطن اﻷرض خير من ظهرها ، إزاء اﻷحداث اﻵثمة ، واﻷحوال الغاشمة ، ضد المسلمين ومقدساتهم وحرماتهم ، في شتى بقاع اﻷرض ، من تعد على كتاب الله ، وسب لله تعالى ، واستهزاء برسوله صلى الله عليه وسلم ، واﻻستهزاء بموتى الجمرات ، وانتهاك ﻷعراض المسلمات ، واستيﻼء على ديار المسلمين ، واحتﻼل أراضيهم ، وأخذ مقدراتهم وممتلكاتهم ، وأدهى من ذلك وأمر امتهان حرمات المسلمين ومقدساتهم ، فسبحان الله أين المسلمون عن ذلك كله ، أم أن قول الله تعالى في سورة الفرقان حق علينا : { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيﻼً } ، لقد أضحت مشاهد اﻷشﻼء ، ومناظر الدماء ، غير مؤثرة في المسلمين شيئاً ، تبلدت اﻷحاسيس ، وقتلت الغيرة ، هذه اﻷحداث لم أخترعها من تلقاء نفسي ، ولم تكن أضغاث أحﻼم ، أو ركضات شيطان ، بل شاهدها عبر الشاشات مﻼيين المسلمين ، وسمعها المﻼيين ، وقرأها المﻼيين ، فماذا حدث ؟ هل فعلوا كما فعل المعتصم ، صرخت امرأة في زبطرة ، وامعتصماه ، فجهز الجيوش ، وأعد جحافل اﻹسﻼم لنصرتها ، فهل فعلنا اليوم كما فعل المعتصم ، كﻼ ، وكﻼ ، بل السجينات المسلمات امتﻸت بهن سجون الكفار في كل مكان ، ﻻ ﻷنهن ارتكبن خطأ ، بل ليُتسلى بهن من قبل الكفار وأعوانهم ، فكم حملت أحشاؤهن سفاحاً ، وهن ﻻ يملكن ﻷنفسهن حوﻻً وﻻ قوة ، بل يتعهدن باﻻنتحار فور الخروج من المعتقﻼت ، خوف الفضيحة ، وخشية الحرمات ، ورجال اﻹسﻼم حول الدشوش متحلقين ، وعلى المسلسﻼت مندمجين ، لم تعد تؤثر فيهم مشاهد القتل ، والهدم والتدمير ، وهتك اﻷعراض المسلمة ، فيا الله كيف يهنأ لنا عيش ، ونحن في طيش ، بأي وجه نلقى ربنا ، وما هو عذر تقاعسنا ، قال تعالى : { وَمَا لَكُمْ ﻻَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً } ، وقال تعالى : { إِﻻَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ ﻻَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَﻻَ يَهْتَدُونَ سَبِيﻼً } .
أيها المسلمون : ربما حالنا اليوم ﻻ يؤهل لمواجهة العدو أياً كان ، فنحن لم نتسلح بالسﻼح المهم ، ولم نتدرع بالدرع اﻷهم ، حتى نعود إلى حياض الدين ، وتجتمع الكلمة ، ويُلم الشعث ، وتوحد الصفوف ، ويكون كتاب الله هو دستورنا ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي نبراسنا ، فكم من الناس اليوم من هو مسلم وليس في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، وﻻ أقول ذلك جزافاً ، أو تخرصاً ، أو رجماً بالغيب ، بل بيني وبينكم قول الله عز وجل : { فَﻼَ وَرَبِّكَ ﻻَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ ﻻَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } ، فأين اﻹيمان عن أقوام ودول وشعوب إسﻼمية ، وهي تحكم قوانين وضعية ، شرقية وغربية ، وأين اﻹيمان عن شعوب تدعي اﻹسﻼم ، وهي تهادن الكفار وتواليهم من دون المؤمنين ، والله جل وعﻼ يقول : { ﻻَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِﻻَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ } .*
أيها المسلمون : أين اﻹيمان والربا قد تفشى ، وآكل الرشوة بها قد استغنى ، بنوك ربوية ، ومعامﻼت إجرامية ، رباً في وضح النهار ، لم يعد ينكره أحد ، وهو حرب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ ﻻَ تَظْلِمُونَ وَﻻَ تُظْلَمُونَ } ، أي إيمان ندعيه ، ونحن نحارب ربنا وخالقنا ورازقنا وموﻻنا ، نعم في سﻼت المهمﻼت ، وأموال تنفق في غير سبيل الله ، دخان ومخدرات ، ولواط ومعاكسات ، فﻼ إله إﻻ الله ، كيف ننتصر على اﻷعداء ووسيلة النصر معطلة ، وأسبابه مؤجلة ، مرتهنة بعودة معجلة ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } .*
أمة اﻹسﻼم : ننقم على الكفار عندما سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واستهزءوا به ، وأيم الله بين أظهرنا من يسب الله تعالى ويشتمه ، ويكيل له سبحانه مكاييل الكلمات النابية ، وسيل اﻷقوال الجافية ، بل هناك من يعترضون على أوامره جل وعﻼ ، ويستدركون عليه في حكمه سبحانه تعالى ، ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، ويغدرون وعد الله من بعد قطعه ، كيف ننتصر ومن المسلمين من يستهزئ بشعائر الدين المعلومة بالضرورة ، ويسفه سنة النبي صلى الله عليه وسلم المعلومة ، كإعفاء اللحى ، وتقصير الثياب ، واﻷمر بالحجاب ، واستعمال السواك ، وطلب العلم الشرعي الواجب ، كيف ننتصر والمساجد خاوية على عروشها ، والصﻼة يُنادى لها ، واﻷمة حول اﻷسهم والبنوك والصرافات ، ومتابعة المباريات عبر الشاشات ، ومشاهدة المﻼهي والمغريات عبر الفضائيات ، غرقى وحلقى ، مقصرين في دينهم بل محلقين ، ﻻ يخافون الله وﻻ يتقونه ، مجاهرة بالمعاصي واﻵثام ، ومفاخرة بالذنوب العظام ، أغانٍ صاخبة ماجنة ، تطير بها سيارات شبابنا ، وتحملها جواﻻت رجالنا ، في شوارعنا ومساجدنا ، إنهم يؤخرون النصر ، ويبعدون الظفر ، معاكسات بين الشباب والشابات ، بل وحتى المحصنات ، خطف لنساء المسلمين ، وانتهاك ﻷعراض المؤمنين ، تتبع للعورات ، وتقص للهفوات ، تبعية للكفار ، وتقليد للفجار ، أناس جهلة ، يعصون الله جهرة ، أحوال مخجلة ، وأعمال مخزية ، قال تعالى : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَﻻَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا ﻻَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } ، برامج فاضحة ، ومشاهد عري واضحة ، استار أكاديمي ، ذهب بلب الشباب ، أكَلَ اﻷعراض ، وأدى لﻸمراض ، برنامج مزق الحياء ، وأوصل للبغاء ، فاستيقضوا يا رجال اﻷمة ، واخرجوا من الغمة ، واطلبوا الهمة ، ألستم للعلياء ترومون ، وللعزة تسعون ، وللرفعة تركضون ، أم أنتم سامدون ، وفي سكرتكم تعمهون ، أفيقوا أيها الشباب ، فقد نال منكم اﻷعداء ، فأعدوا لهم العِداء ، يا أحفاد خالد بن الوليد ، وصﻼح الدين ، مقدساتكم تدنس وتلوث ، وبأخواتكم اﻷسيرات يُعبث ، فأين أنتم عن تلكم اﻷحداث ، فسبحان الله ! كيف ننتصر ، ولم ننصر ديننا ، وكيف نحقق آمالنا ، ولم نغير أوضاعنا ، آهات وصرخات تطلقها القلوب قبل الحناجر ، خوفاً على اﻷمة من الضياع في مستنقعات الحرام ، وتوافه اﻷحﻼم ، فغيروا ما بأنفسكم ، يغير الله أحوالكم ، قال تعالى : { إِنَّ اللّهَ ﻻَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَﻼَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } ، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم ، وبهدي سيد المرسلين ، أقول قولي هذا ، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه وتوبوا إليه ، إنه كان حليماً غفوراً .
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن ﻻ إله إﻻ الله وحده ﻻ شريك له تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلوات الله وسﻼمه عليه ، وعلى آله وأصحابه وإخوانه .
أمة اﻹسﻼم : أمم الكفر اليوم أمة واحدة ، وإن اختلفت أجناسهم ومشاربهم ، وأمة اﻹسﻼم مفككة مبعثرة ، يقفون موقف المتفرج على بعضهم البعض ، والعدو يلتهمهم واحداً تلوا اﻵخر ، وهم صفاً واحداً ينتظرون الموت انتظاراً ، قال تعالى : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥۤ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْۖ } ، وقال تعالى : { وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍۚ } ، المسلمون يتناصرون ويتعاضدون كما جاء في الصحيح : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " وشبك بين أصابعه " ، وفي الصحيح أيضاً : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " .
أيها المسلمون : آن اﻷوان ﻷن تعود اﻷمة لكتاب ربها ، وتحكيم سنة نبيها صلى الله عليه وسلم ، وما هذه الحملة الشرسة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل أعداء الله ، وأعداء رسوله ، إﻻ فأل خير ، إنها انتفاضة مباركة ، واجتماعات موفقة ، فهذا الغضب العالمي اﻹسﻼمي ، يبهج القلوب ، ويفرح النفوس ، لقد اجتاحت موجة الغضب العارمة أنحاء المعمورة ، حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودفاعاً عنه ، وتفانياً ﻷجله ، وفداءً لكرامته ، لقد أقلق العالم الغربي ، هذا اﻻجتماع اﻹسﻼمي اﻷخوي ، فهم يدركون معنى ألفة المسلمين واتحادهم ، يعرفون معنى محبة المسلمين واجتماعهم ، إنها القاضية ، لﻸمم الفاضية ، لقد أينعت رؤوسهم وحان قطافها ، وظهرت أنيابهم وآن اقتﻼعها ، وتشدقت أفواههم وﻻبد من إخراسها ، ورسمت أيديهم ويجب بترها .
أمة اﻹسﻼم : هذه اﻷحداث اليوم ، تجعلنا أكثر تمسكاً بديننا ، وأشد محبة لنبينا ، وإن مما يؤسف له ، أن هناك قلة من أتباع النبي الحبيب ، هربوا عن دينهم ، وابتعدوا عن منهجهم ، وﻻ زالوا يشترون منتجات الكفار ، الذي أعلنوا الحرب على اﻹسﻼم ، وعلى نبي اﻷنام ، في سفاهة وﻻ مباﻻة ، ليس لها نظير ، ومالها من ظهير ، فأحذِّرهم وأخوفهم بقول الله تعالى : { وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي اﻷَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } ، بل احرصوا يا رعاكم الله ، على تشجيع المنتجات المحلية والعربية واﻹسﻼمية ، حتى تكون الصادرات والواردات تصب في خزانة نفع اﻹسﻼم وأهله .
أيها المسلمون : هذه اﻷحداث أظهرت عيب كثير من المسلمين ، في تقصيرهم عن معرفة شيء عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا وﻻ شك خطأ ، وعﻼجه المطالعة والقراءة ، وحضور المحاضرات والخطب التي تعني بالموضوع ، وهنا أدعو جميع اﻷئمة والخطباء والدعاة ، إلى إفراد أوقات لجماعات المساجد للقراءة لهم من كتب أهل العلم الموثوقة ، غير الغالية أو الجافية ، عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى يعرف الناس نبيهم ، وحقوقه عليهم ، وواجبهم تجاهه ، فقد عم الجهل بالموضوع ، واليوم حان الوقت لقطف الثمرة ، كما يجب على جميع الفضائيات في بﻼد اﻹسﻼم ، أن تعني بالموضوع عناية فائقة ، وتولية رعاية مهمة ، من خﻼل استضافة العلماء والدعاة ليبينوا للناس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحسن اﻹسﻼم ، ويسر أحكامه ، وترجمة ذلك إلى عدة لغات ، سيما الدنمركية خاصة ، واﻷوروبية عامة ، حتى يعرفوا ما هو اﻹسﻼم ، ومن هو نبيه صلى الله عليه وسلم .*
*
نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته
يحيى بن موسى الزهراني
أمة اﻹسﻼم : ما فتئ أعداء الله تعالى ، وأعداء دينه العظيم ، يمارسون صنوف اﻻستهزاء ، وألوان اﻻزدراء ، تارة بكتاب الله تعالى ، بتدنيسه وتلويثه ، ورميه في اﻷماكن الغير ﻻئقة ، بل وصل بهم اﻷمر إلى أشد من ذلك ، رموه في أماكن قضاء الحاجة ، وأهانوه إهانة ، ﻻ يتوقع معها إﻻ القتال المستميت ، والدفاع عن الكتاب المبين ، قال تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ، الله جل وعﻼ حفظ كتابه من التبديل والتحريف ، والتغيير والحذف ، ونحن بدورنا نحفظ كتاب ربنا من التشويه والتدنيس والتلويث ، فإما شهادة ، وإما نصر ، قال تعالى : { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِﻻَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ } ، لقد حصلت إهانة القرآن العظيم ، في سجون جوانتناموا ، وسجون أبو غريب ، وغيرها من السجون اﻷمريكية والبريطانية ، كل ذلك من أجل إثارة حفيظة المسلمين ، لعلمهم أنهم لن يتحركوا لمواجهة عدوهم ، وأيم الله لقد تحقق ذلك ، إﻻ من رحم الله وعصم ، وهم أهل الغيرة على دين الله تعالى ، وإﻻ فاﻹثم حاق باﻷمة ، قال تعالى : { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } ، لقد ذهبت الدنيا بلب القلوب ، فبنينا اﻷحﻼم ، وتبنينا اﻷوهام ، من أجل زخرف الدنيا وبهرجتها ، وما عرفنا أن الموت له هالة ، وهو قادم ﻻ محالة ، فطوبى لمن مات وهو يكن لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم كل حب وتفاني ، وغيرة وفداء ، وويل لمن تخاذل ، ودس رأسه في التراب ، وسمع فنسي ، ورأى فعمي ، قال تعالى : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } .
أيها المسلمون : اليوم وإثر البعد الديني الواضح للمسلمين ، وبرودة طقسهم حول دينهم ، تجرأت الصحف اﻷوروبية من كل حدب وصوب ، استهانة وإهانة لكل مسلم ، على رسم رسول اﻹسﻼم ، وسيد اﻷنام ، عليه الصﻼة والسﻼم ، برسوم مشينة مهينة ﻻ يرضاها مسلم أبي شامخ ، يتطلع للجنة العلياء ، ولقاء خاتم اﻷنبياء ، حول الجنة الخضراء ، قال تعالى : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيﻼً } ، فما عسى كل مسلم ومسلمة أن يفعل إزاء هذا الحدث الرهيب ، واﻷمر العصيب ، إن من أوجب الواجبات أن يجدد الجميع الوﻻء لنبيهم صلى الله عليه وسلم ، كما حصل للمسلمين اﻷوائل في بيعة السقيفة ، والعقبة ، بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره ، بايعوه على نصرته بالنفس والمال والوالد والولد ، فكانوا صُدقاً عند اللقاء ، أعزة على اﻷعداء ، ونحن اليوم بحاجة ماسة لمثل أولئك الرجال الشجعان ، اﻷبطال الفرسان ، حماة العقيدة والدين ، أنصار محمد النبي اﻷمين ، قال تعالى : { وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } .*
أمة اﻹسﻼم : نحن اليوم نمر باختبار حقيقي ، وامتحان رباني ، ليميز الله الخبيث من الطيب ، قال تعالى : { ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ } ، اﻷمة اليوم تمر بمنحنيات خطيرة ، وتجارب مريرة ، ليبين المنافق من المسلم ، والكاذب من الصادق ، فبعد الرسوم الكاريكاتورية ، والصور الكرتونية ، لنبي اﻹنسانية ، وهادي البشرية ، تهجَّم مذيع أمريكي باﻻستهزاء والعنجهية ، بصورة استفزازية ، لمنظر حادث الحجيج ، حول الجمرات ، واصفاً المسلمين بالبهائم ، كبرت كلمة خرجت من فيه ، وقاتله الله من سفيه ، هكذا هي أمم الكفر تصمد ، وعلى اﻹسﻼم تتحد ، تنفق اﻷموال ، لتنال من اﻹسﻼم ، قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } ، وهكذا هي أمة اﻹسﻼم تتعرض للنكبات ، وتُجر إلى ويﻼت ، حتى تُمحص وتُفحص ، فاللهم رحماك رحماك ، فاستعدوا عباد الله لمﻼقاة أعداء الله ، وخوض الغمار ، جهاداً بكل صوره وأشكاله ، وأنواعه وأنماطه ، قال تعالى : { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ اﻷَوَّلِينِ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى ﻻَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْﻻَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ } .*
أمة اﻹسﻼم : لقد تنوعت أساليب إهانة الكفار لﻺسﻼم وأهله ، بصورة تجعل الحياة تعيسة ، والموت راحة ، وأيم الله لبطن اﻷرض خير من ظهرها ، إزاء اﻷحداث اﻵثمة ، واﻷحوال الغاشمة ، ضد المسلمين ومقدساتهم وحرماتهم ، في شتى بقاع اﻷرض ، من تعد على كتاب الله ، وسب لله تعالى ، واستهزاء برسوله صلى الله عليه وسلم ، واﻻستهزاء بموتى الجمرات ، وانتهاك ﻷعراض المسلمات ، واستيﻼء على ديار المسلمين ، واحتﻼل أراضيهم ، وأخذ مقدراتهم وممتلكاتهم ، وأدهى من ذلك وأمر امتهان حرمات المسلمين ومقدساتهم ، فسبحان الله أين المسلمون عن ذلك كله ، أم أن قول الله تعالى في سورة الفرقان حق علينا : { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيﻼً } ، لقد أضحت مشاهد اﻷشﻼء ، ومناظر الدماء ، غير مؤثرة في المسلمين شيئاً ، تبلدت اﻷحاسيس ، وقتلت الغيرة ، هذه اﻷحداث لم أخترعها من تلقاء نفسي ، ولم تكن أضغاث أحﻼم ، أو ركضات شيطان ، بل شاهدها عبر الشاشات مﻼيين المسلمين ، وسمعها المﻼيين ، وقرأها المﻼيين ، فماذا حدث ؟ هل فعلوا كما فعل المعتصم ، صرخت امرأة في زبطرة ، وامعتصماه ، فجهز الجيوش ، وأعد جحافل اﻹسﻼم لنصرتها ، فهل فعلنا اليوم كما فعل المعتصم ، كﻼ ، وكﻼ ، بل السجينات المسلمات امتﻸت بهن سجون الكفار في كل مكان ، ﻻ ﻷنهن ارتكبن خطأ ، بل ليُتسلى بهن من قبل الكفار وأعوانهم ، فكم حملت أحشاؤهن سفاحاً ، وهن ﻻ يملكن ﻷنفسهن حوﻻً وﻻ قوة ، بل يتعهدن باﻻنتحار فور الخروج من المعتقﻼت ، خوف الفضيحة ، وخشية الحرمات ، ورجال اﻹسﻼم حول الدشوش متحلقين ، وعلى المسلسﻼت مندمجين ، لم تعد تؤثر فيهم مشاهد القتل ، والهدم والتدمير ، وهتك اﻷعراض المسلمة ، فيا الله كيف يهنأ لنا عيش ، ونحن في طيش ، بأي وجه نلقى ربنا ، وما هو عذر تقاعسنا ، قال تعالى : { وَمَا لَكُمْ ﻻَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً } ، وقال تعالى : { إِﻻَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ ﻻَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَﻻَ يَهْتَدُونَ سَبِيﻼً } .
أيها المسلمون : ربما حالنا اليوم ﻻ يؤهل لمواجهة العدو أياً كان ، فنحن لم نتسلح بالسﻼح المهم ، ولم نتدرع بالدرع اﻷهم ، حتى نعود إلى حياض الدين ، وتجتمع الكلمة ، ويُلم الشعث ، وتوحد الصفوف ، ويكون كتاب الله هو دستورنا ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي نبراسنا ، فكم من الناس اليوم من هو مسلم وليس في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، وﻻ أقول ذلك جزافاً ، أو تخرصاً ، أو رجماً بالغيب ، بل بيني وبينكم قول الله عز وجل : { فَﻼَ وَرَبِّكَ ﻻَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ ﻻَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } ، فأين اﻹيمان عن أقوام ودول وشعوب إسﻼمية ، وهي تحكم قوانين وضعية ، شرقية وغربية ، وأين اﻹيمان عن شعوب تدعي اﻹسﻼم ، وهي تهادن الكفار وتواليهم من دون المؤمنين ، والله جل وعﻼ يقول : { ﻻَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِﻻَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ } .*
أيها المسلمون : أين اﻹيمان والربا قد تفشى ، وآكل الرشوة بها قد استغنى ، بنوك ربوية ، ومعامﻼت إجرامية ، رباً في وضح النهار ، لم يعد ينكره أحد ، وهو حرب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ ﻻَ تَظْلِمُونَ وَﻻَ تُظْلَمُونَ } ، أي إيمان ندعيه ، ونحن نحارب ربنا وخالقنا ورازقنا وموﻻنا ، نعم في سﻼت المهمﻼت ، وأموال تنفق في غير سبيل الله ، دخان ومخدرات ، ولواط ومعاكسات ، فﻼ إله إﻻ الله ، كيف ننتصر على اﻷعداء ووسيلة النصر معطلة ، وأسبابه مؤجلة ، مرتهنة بعودة معجلة ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } .*
أمة اﻹسﻼم : ننقم على الكفار عندما سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واستهزءوا به ، وأيم الله بين أظهرنا من يسب الله تعالى ويشتمه ، ويكيل له سبحانه مكاييل الكلمات النابية ، وسيل اﻷقوال الجافية ، بل هناك من يعترضون على أوامره جل وعﻼ ، ويستدركون عليه في حكمه سبحانه تعالى ، ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، ويغدرون وعد الله من بعد قطعه ، كيف ننتصر ومن المسلمين من يستهزئ بشعائر الدين المعلومة بالضرورة ، ويسفه سنة النبي صلى الله عليه وسلم المعلومة ، كإعفاء اللحى ، وتقصير الثياب ، واﻷمر بالحجاب ، واستعمال السواك ، وطلب العلم الشرعي الواجب ، كيف ننتصر والمساجد خاوية على عروشها ، والصﻼة يُنادى لها ، واﻷمة حول اﻷسهم والبنوك والصرافات ، ومتابعة المباريات عبر الشاشات ، ومشاهدة المﻼهي والمغريات عبر الفضائيات ، غرقى وحلقى ، مقصرين في دينهم بل محلقين ، ﻻ يخافون الله وﻻ يتقونه ، مجاهرة بالمعاصي واﻵثام ، ومفاخرة بالذنوب العظام ، أغانٍ صاخبة ماجنة ، تطير بها سيارات شبابنا ، وتحملها جواﻻت رجالنا ، في شوارعنا ومساجدنا ، إنهم يؤخرون النصر ، ويبعدون الظفر ، معاكسات بين الشباب والشابات ، بل وحتى المحصنات ، خطف لنساء المسلمين ، وانتهاك ﻷعراض المؤمنين ، تتبع للعورات ، وتقص للهفوات ، تبعية للكفار ، وتقليد للفجار ، أناس جهلة ، يعصون الله جهرة ، أحوال مخجلة ، وأعمال مخزية ، قال تعالى : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَﻻَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا ﻻَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } ، برامج فاضحة ، ومشاهد عري واضحة ، استار أكاديمي ، ذهب بلب الشباب ، أكَلَ اﻷعراض ، وأدى لﻸمراض ، برنامج مزق الحياء ، وأوصل للبغاء ، فاستيقضوا يا رجال اﻷمة ، واخرجوا من الغمة ، واطلبوا الهمة ، ألستم للعلياء ترومون ، وللعزة تسعون ، وللرفعة تركضون ، أم أنتم سامدون ، وفي سكرتكم تعمهون ، أفيقوا أيها الشباب ، فقد نال منكم اﻷعداء ، فأعدوا لهم العِداء ، يا أحفاد خالد بن الوليد ، وصﻼح الدين ، مقدساتكم تدنس وتلوث ، وبأخواتكم اﻷسيرات يُعبث ، فأين أنتم عن تلكم اﻷحداث ، فسبحان الله ! كيف ننتصر ، ولم ننصر ديننا ، وكيف نحقق آمالنا ، ولم نغير أوضاعنا ، آهات وصرخات تطلقها القلوب قبل الحناجر ، خوفاً على اﻷمة من الضياع في مستنقعات الحرام ، وتوافه اﻷحﻼم ، فغيروا ما بأنفسكم ، يغير الله أحوالكم ، قال تعالى : { إِنَّ اللّهَ ﻻَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَﻼَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } ، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم ، وبهدي سيد المرسلين ، أقول قولي هذا ، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه وتوبوا إليه ، إنه كان حليماً غفوراً .
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن ﻻ إله إﻻ الله وحده ﻻ شريك له تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلوات الله وسﻼمه عليه ، وعلى آله وأصحابه وإخوانه .
أمة اﻹسﻼم : أمم الكفر اليوم أمة واحدة ، وإن اختلفت أجناسهم ومشاربهم ، وأمة اﻹسﻼم مفككة مبعثرة ، يقفون موقف المتفرج على بعضهم البعض ، والعدو يلتهمهم واحداً تلوا اﻵخر ، وهم صفاً واحداً ينتظرون الموت انتظاراً ، قال تعالى : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥۤ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْۖ } ، وقال تعالى : { وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍۚ } ، المسلمون يتناصرون ويتعاضدون كما جاء في الصحيح : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " وشبك بين أصابعه " ، وفي الصحيح أيضاً : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " .
أيها المسلمون : آن اﻷوان ﻷن تعود اﻷمة لكتاب ربها ، وتحكيم سنة نبيها صلى الله عليه وسلم ، وما هذه الحملة الشرسة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل أعداء الله ، وأعداء رسوله ، إﻻ فأل خير ، إنها انتفاضة مباركة ، واجتماعات موفقة ، فهذا الغضب العالمي اﻹسﻼمي ، يبهج القلوب ، ويفرح النفوس ، لقد اجتاحت موجة الغضب العارمة أنحاء المعمورة ، حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودفاعاً عنه ، وتفانياً ﻷجله ، وفداءً لكرامته ، لقد أقلق العالم الغربي ، هذا اﻻجتماع اﻹسﻼمي اﻷخوي ، فهم يدركون معنى ألفة المسلمين واتحادهم ، يعرفون معنى محبة المسلمين واجتماعهم ، إنها القاضية ، لﻸمم الفاضية ، لقد أينعت رؤوسهم وحان قطافها ، وظهرت أنيابهم وآن اقتﻼعها ، وتشدقت أفواههم وﻻبد من إخراسها ، ورسمت أيديهم ويجب بترها .
أمة اﻹسﻼم : هذه اﻷحداث اليوم ، تجعلنا أكثر تمسكاً بديننا ، وأشد محبة لنبينا ، وإن مما يؤسف له ، أن هناك قلة من أتباع النبي الحبيب ، هربوا عن دينهم ، وابتعدوا عن منهجهم ، وﻻ زالوا يشترون منتجات الكفار ، الذي أعلنوا الحرب على اﻹسﻼم ، وعلى نبي اﻷنام ، في سفاهة وﻻ مباﻻة ، ليس لها نظير ، ومالها من ظهير ، فأحذِّرهم وأخوفهم بقول الله تعالى : { وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي اﻷَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } ، بل احرصوا يا رعاكم الله ، على تشجيع المنتجات المحلية والعربية واﻹسﻼمية ، حتى تكون الصادرات والواردات تصب في خزانة نفع اﻹسﻼم وأهله .
أيها المسلمون : هذه اﻷحداث أظهرت عيب كثير من المسلمين ، في تقصيرهم عن معرفة شيء عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا وﻻ شك خطأ ، وعﻼجه المطالعة والقراءة ، وحضور المحاضرات والخطب التي تعني بالموضوع ، وهنا أدعو جميع اﻷئمة والخطباء والدعاة ، إلى إفراد أوقات لجماعات المساجد للقراءة لهم من كتب أهل العلم الموثوقة ، غير الغالية أو الجافية ، عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى يعرف الناس نبيهم ، وحقوقه عليهم ، وواجبهم تجاهه ، فقد عم الجهل بالموضوع ، واليوم حان الوقت لقطف الثمرة ، كما يجب على جميع الفضائيات في بﻼد اﻹسﻼم ، أن تعني بالموضوع عناية فائقة ، وتولية رعاية مهمة ، من خﻼل استضافة العلماء والدعاة ليبينوا للناس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحسن اﻹسﻼم ، ويسر أحكامه ، وترجمة ذلك إلى عدة لغات ، سيما الدنمركية خاصة ، واﻷوروبية عامة ، حتى يعرفوا ما هو اﻹسﻼم ، ومن هو نبيه صلى الله عليه وسلم .*
*
نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته
يحيى بن موسى الزهراني
رد: نصرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم
الجمعة يوليو 14, 2017 7:47 pm
مشكور(ة) على الموضوع
دام عطائك(ي) لنا
أبدعت(ي) الطرح
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى